وربطت هذه الفرجة بايت لمزار، وهي قرية ضمن جماعة ايت ملول اشتهرت بهذا المظهر الثقافي الذي يميزها عن بقية المناطق. وتتميز فرجة ايت المزار بعدم التحديد الزماني أو المكاني. فهي تقام بمناسبة الاحتفالات العائلية للمواطنين في المنطقة، أو مناسبات وطنية، أو بدون مناسبة إذا توفر المضيف، اما المكان فيتوقف على رغبة المضيف، فتكون داره مسرحا للفرجة إذا كان متسعا لاستيعاب جمهور المتفرجين الذين يتوزعون بين ساحة الدار (ءاسراك - لمراح) وسطحها، (يتعلق الامر بنماذج الدور التقليدية المتوفرة على هذه المواصفة)، أي في اسايس وهو الاختيار الغالب. يتكون فريق الفرجة من الرجال، ويستعمل أدوات الايقاع التالية: البندير (تالونت)، والناقوس، ويضاف احيانا الطبل الذي يستعمل ملقى على الارض. وتنقسم الفرجة الى المراحل الاتية: مرحلة الاغنية، مرحلة الرقص، مرحلة المسرح.
مرحلة الاغنية: تغني الفرقة جماعيا، وبالأمازيغية المحلية غالبا، وهي جالسة على نغمات ايقاع عيساوي او هواري او احواشي سريع، ويكون موضوع النص اللغوي في الأغنية عادة غزلا أو مدحا دينيا أو نقدا اجتماعيا محليا لاذعا يمس بعض الظواهر التي تعتبر خرقا للتقاليد المحلية: مثل اغنية (الفرطيطة) (لباس يشبه الماكسي):
أركــــاز ءيتـــوضا يـــــــــزال " ء يغر ايربي أنياسي ءودمادواروش
ءورد لمـــال ءايي يـــــخصان " ء الفرطيطة ولله ءوركميد تاويغ
- (توضأ الزوج وصلى ودعا الله ان يبعد عنه وجه الضربان)
- (لا ينقصني المال، لكني لن اشتريك ايتها الفرطيطة)
مرحلة الرقص : ينضم الرقص إلى الأغنية بعد تهيىء المتفرجين نفسيا.
ويقوم بالرقص وسط الساحة راقص أو اثنان يتزينان بزي المرأة المحلي، او يتزين احدهما بزي المرأة والاخر يزي الرجل، وتتركز حركة الجسد في الكتفين والخاصرة عند الراقص/ المرأة، والكتفين والركبتين عند الراقص/ الرجل ( نموذج رقصة ءاهياض)، وتجري الرقصة على نمط (تامكرارازت) ميسيسي = طائر صغير يمتاز بسرعة المشي وتحريك الذيل الى أعلى وأسفل)، حيث يجوب الراقصان الساحة في اتجاهين. متعاكسين، وعند كل نهاية طواف يؤدي الراقص (ركزة) (رقصة بالقدمين) على صفيحة معدنية (جفنة ) موضوعة امام الفرقة الجالسة لنفس الغاية .
ثم ينزل عن الجفنة ليواصل الرقص طائفا. وفي هذه الأثناء يشارك المتفرجون بالتشجيعات: النساء يزغردن، والرجال يقتحمون الحلقة لتعليق أوراق نقدية على حزام الراقص أو غطاء رأسه.
مرحلة المسرح: تسمى هذه المرحلة في اصطلاح الفرقة ب(التمتيل) (بتشديد التاءين)، وهناك من يسميها من المتفرجين، خصوصا سكان المزار ب (ءاعرابن) (الاعراب) انطلاقا من موضوعها الذي سنعرفه. في هذه المرحلة يتوقف الغناء والرقص، ويشغل الساحة فريق من الممثلين يتحدد عدده حسب الأدوار التي توفرها المسرحية. وينتمي مسرح الفرقة الى النمط المسرحي المغربي السوسي المعروف بباقشيش من حيث الموضوع وأسلوب الإخراج. فالغاية من المسرحية تنحصر في اضحاك الجمهور ليس بالموضوع الكوميدي فقط بل بتوظيف ظاهرة التغريب في المسرح: فنوعية اللباس وطريقته ونوعية الماكياج و طريقته، وطريقة المشي والكلام... كلها تساهم في إثارة الضحك .
ويراعى في اختيار الممثلين - زيادة على موهبة التمثيل - بعض الموصفات العضوية المثيرة للضحك مثل شكل الوجه وقوة الصوت، والقدرة على محاكاة بعض الأصوات البشرية خصوصا صوت المرأة، أو الأصوات الحيوانية مثل النباح والهدير و الخوار و النهيق.
والنص المسرحي عند الفرقة غير مكتوب، ولكن مضوعه مهيأ سلفا، أما بناء الموضوع فيتوقف على موهبة الممثلين وبدايتهم، وهذا ما يفسر تفاوت حجم مسرحية واحدة تعرض أكثر من مرة، رغم وحدة موضوعها.
أما موضوع المسرحية فهو عادة نقد ظاهرة اجتماعية محلية أو جهوية أو وطنية مثل (الزواج العصري)، أو الطفل المدلل، أو الحماة، أو البدوي الساذج، أو الراعي المغفل، أو مشاجرات النساء في الحمام... ومن المواضيع الثابتة المتكررة في مسرح ايت المزار الاحتكاك بين (أشلحي واعراب)، أي بين ابن البلد والمهاجر الصحراوي الى المنطقة، وهذا الموضوع هو سبب تسمية مسرح ايت المزار ب( ءاعرابن ) كما ذكرت قبل قليل.
المرحوم الأستاذ #محمد_بزيكا
#lmzar23
تعليقات
إرسال تعليق